أنا
لا أحابي أحداً في موقفي هذا ، ولكني
أقول إن أصحاب هذا المذهب الذي
تجنَّى عليه البعض ، أكثر منَّا
تسامحاً واستجابة لأمر الله سبحانه
بالتآلف ، فقد عشت بين أظهرهم ، أقوم
بتدريس مادة التفسير في معهد القضاء
الشرعي ما يزيد على اثني عشر عاماً
لم أجد ما يكدِّر الصفو ، ولا ما
يحملني على قولٍ بعينه دون دليل ،
رغم الاختلاف في بعض المسائل ، وكنا
أنا وطلابي والعلماء الأجلاء في
المذهب نتبع الدليل الأقوى) رسالة
بعنوان " بيان للناس " لم تزل
بخط المؤلف لم تطبع بعد ص4(
وقال
أيضاً : (حافَظوا
على صفاء الرسالة المحمدية في أصول
مذهبهم ، ولم ينحرفوا عن النهج
القويم الذي كان عليه رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم وصحابته البررة
في سلوكهم وأمور معاشهم ، ولا اقترف
ولاتهم إثماً ، ولا مارسوا في
قيادتهم ظلماً ، ولا أي لون من ألوان
العسف التي لم يبرأ منها إلا القليل
من الولاة سواهم. بل
إن الظلم في حقهم كان مستحيلاً ، لا
لكونهم معصومين ، بل لأن رجل الدين
عندهم ورجل السياسة واحد ، والقائم
بأمر الناس فيهم هو الإمام نفسه ،
وتلك هي قاعدة الإسلام في الحكم التي
سار عليها الخلفاء الراشدون ،
وعليها حافظوا ودونها نافحوا ، فمن
الطبيعي أن ينتشر مذهب هذا شأنه ،
وأن يُقبل على أتباعه الناس ببلاد
المغرب ليجدوا في أكنافه الأمن
والكرامة ، وهم من سئموا حياة
الاضطراب والظلم على أيدي الكثير من
عمَّال بني أمية وبني العبَّاسالمرجع السابق،ص:104،105)
والمذهب
الإباضي ليس عجيباً في الدنيا ولا
غريباً عن الحياة ، وإنما هو العملة
الصحيحة التي يجب تداولها وتناولها
، والتعامل بها في شتى الأنحاء ، وفي
جميع المناخات والأجواء ، وهي بعون
الله عملة لا ينالها التزييف أو
التلبيس ، ولا يطولها الوضع أو
التدليس ، ولا يجوز في منطقها العمل
بين بين ، ولا التنكر في وجهين ، ولا
المشي على الحبلين ، فالحق عندها
واحد لا يتجزأ ، وكل لا يتوزع)السيد
عبد الحافظ عبد ربه - الإباضية مذهب
وسلوك ، ط1 ، القاهرة ص22/23
وقال
أيضاً : (وعموماً
- وبعد استقصاء واستحصاء ، ودرس وبحث
، وتحليل وتعليل - تبيّن أن الإباضية
هي الطريقة المثلى في الأداء
الإسلامي ، وفي تعاطي الحياة ، وفي
التعامل مع الناس ... وأئمتها ودعاتها
هم الذين واجهوا مواكب النفاق ،
وناهضوا أعاصير الشرك وعواصف
الإلحاد ، وتحدوا - بكل صرامة وشدة
وبأس - تلك الأفاعيل الهوجاء النكراء
التي تتبدّى في سلوك المبطلين أو
المستهترين من الحكام والباطشين
سواء على المستوى الديني أو التعامل
الدنيوي بين أفراد وجماعات الأمم
والشعوب تمشيا مع منطق الدين ،
واستجابة لدعاءاته ، ونداءاته ،
ومتطلباته .
وما
أحوج الدنيا اليوم إلى هذا اللون
المتميز في الفقه الإسلامي . وما
أحوج الدنيا إلى دعاة الإباضية
وأئمتها الذين من مهمتهم - ومن أولى
وظائفهم إصلاح المسار الديني ،
ومؤاخذة التسيّب والقبض بشدة على
خناق الاستهتار والانحراف واللا
أخلاقيات ، وإعادة الانضباط في شتى
السلوكيات إلى هذه الحياة) السيد
عبد الحافظ عبد ربه - الإباضية مذهب
وسلوك ، ط1 ، القاهرة ص:237)